والرُّحْبُ بالضمِّ: هو الاتساعُ، والرَّحْبُ: وَصْفٌ، تقولُ: مكانٌ رَحْبٌ، يعنِي: وَسِيعٌ، وصدرٌ رَحْبٌ أي: وَسِيعٌ. والرُّحْبُ: معناه السعةُ، والرَّحْبُ بالفتحِ المصدرُ، فـ (الباءُ) بمعنى (مع) و (ما) مصدريةٌ. والمعنَى: ضَاقَتْ عليكم الأرضُ في حالِ كونِ ذلك مع سَعَتِهَا وَرُحْبِهَا متلبسةً بسعتها وَرُحْبِهَا. والجارُّ والمجرورُ في موضعِ الحالِ، كقولِك: زُرْتُهُ بثيابِي. أي مع ثيابِي. أي: في حالِ كَوْنِي مُتْلَبِسًا بها. والخائفُ يضيقُ عليه فضاءُ الأرضِ الواسعُ؛ لأن مَنِ اشْتَدَّ خوفُه ضَاقَتِ الأرضُ في عينه وإن كانت طويلةً عريضةً واسعةً، كما قال الشاعرُ (?):

كَأَنَّ بِلاَدَ اللَّهِ وَهْيَ عَرِيضَةٌ ... عَلَى الْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ كِفَّةُ حَابِلِ

وهذا معنَى: {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}.

{ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} مُوَلِّينَ الأدبارَ مُنْهَزِمِينَ؛ لأنهم أولُ المرةِ في ذلك اليومِ انْهَزَمُوا. وعن سلمةَ بنِ الأكوعِ (رضي الله عنه) أنه انْهَزَمَ فيمن انْهَزَمَ، وكان لابسًا بُرْدَيْنِ مُتَّزِرًا بأحدِهما مُتْرَدِيًا بالآخَرِ، فلما اشْتَدَّ منهزمًا هاربًا انْحَلَّ الإزارُ الذي يَتَّزِرُ به وعجل عن أن يشده فصار جَامِعًا له بيديه، ومرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذه الحالةِ والنبيُّ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه) في غايةِ الثباتِ والطمأنينةِ، فالتفتَ إليه وقال: «رَأَى ابْنُ الأَكْوَعِ فَزَعًا» (?) وهو هَارِبٌ، فَرَجَعُوا مُدْبِرِينَ. هذا معنَى قولِه: {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة: آية 25] {مُّدْبِرِينَ} معناه: مُوَلِّينَ عدوَّكم بأدبارِكم، فَارِّينَ منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015