الأصلُ [الثالثُ] (?) من هذه الأصولِ الثلاثةِ: هي أن يعلمَ الإنسانُ قَدْرَهُ، ويقفَ عند حَدِّهِ؛ لأن خالقَ السماواتِ والأرضِ أعظمُ وأجلُّ وأكبرُ من أن تحيطَ به العقولُ المخلوقةُ المسكينةُ، واللَّهُ يقولُ: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} [طه: آية 110] فَنَفَى الإحاطةَ للعلمِ البشريِّ عن خالقِ السماواتِ والأرضِ نَفْيًا بَاتًّا.

فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ وهو متمسكٌ بهذه الأسسِ الثلاثةِ في ضوءِ كتابِ اللَّهِ لَقِيَهُ في سلامةٍ وفي غيرِ ندامةٍ. ونحن الآنَ في طريقِنا في إسراعٍ وحثٍّ إلى الوقوفِ بين يَدَيِ اللَّهِ (جلَّ وعلا)؛ لأن هذه اللحظاتِ والدقائقَ والثوانيَ يظنُّ الجاهلُ أنها هادئةٌ، وأنها واقفةٌ، وهي تقطعُ بنا آلافَ الأميالِ إلى المحشرِ، فَعَنْ قريبٍ ونحن قائمونَ بين يَدَيِ اللَّهِ في صعيدٍ واحدٍ، ينفذنا البصرُ ويسمعنا الداعي، ويسألنا اللَّهُ، وَاللَّهُ يقولُ: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: آية 6] {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: الآيتان 92، 93] فَيُوشِكُ أن يقولَ لنا: ماذا كان موقفُكم من صفاتِي التي كنتُ أُثْنِي بها على نَفْسِي في كتابِي، ويثنِي بها عَلَيَّ رَسُولِي صلى الله عليه وسلم؟

[ولا يقولُ لكَ اللَّهُ: لِمَ نَزَّهْتَنِي عن مشابهةِ خَلْقِي؟ لاَ وَاللَّهِ، لا يقولُ لكَ ذلك] (?) [3/ب] / أبدًا بل تنزيهُ رَبِّ السماواتِ عن مشابهةِ خَلْقِهِ في ذواتِهم وصفاتِهم وأفعالِهم طريقُ سلامةٍ محققةٍ لاَ شَكَّ فيه، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015