سَالِمًا من البلايا التي وَقَعَ فيها الناسُ الذين أَكْثَرُوا الخوضَ في ذلك بِقِيلٍ وَقَالَ.

وإيضاحُ مذهبِ السلفِ في آياتِ الصفاتِ كما بَيَّنَهُ القرآنُ وَأَوْضَحَهُ هذا المحكمُ المنزلُ أنه يتأسسُ على ثلاثةِ أصولٍ مَنْ جاء بها كاملةً لَقِيَ اللَّهَ سَالِمًا، وَمَنْ أَخَلَّ بواحدٍ منها أوقعَ نفسَه في بليةٍ فلا يدري هل يتخرجُ منها أو لا (?)؟

أَوَّلُ هذه الأسسِ: هو الأساسُ الأعظمُ للتوحيدِ، والحجرُ الأساسيُّ لمعرفةِ اللَّهِ على طريقٍ صحيحٍ، هذا الأساسُ الأعظمُ هو: أن يعتقدَ الإنسانُ أن خالقَ السماواتِ والأرضِ مُنَزَّهٌ عن مشابهةِ جميعِ خَلْقِهِ في جميعِ صفاتِهم وأفعالِهم وذواتِهم، فالخلقُ صنعةٌ، والخالقُ (جلَّ وعلا) صانعٌ {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: آية 88] والصنعةُ لاَ تُشْبِهُ صانعَها، فَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمَ هذا الأساسِ عن الله، وَعَلِمَ أن الخلائقَ صنعةٌ، وأن خالقَهم هو صانعُهم وَمُدَبِّرُهُمْ ومنشئُهم عَلِمَ أنه لاَ مناسبةَ بينَ صفاتِه وصفاتِهم، وأنه مُنَزَّهٌ كُلَّ التنزيهِ، مقدسٌ كُلَّ التقديسِ عن مشابهةِ خَلْقِهِ، لا في ذواتِهم، ولا في صفاتِهم، ولا في أفعالِهم. هذا الأساسُ الأعظمُ، فَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ هذا الأساسَ، وَفَهِمَهُ عن اللَّهِ، وَطَهَّرَ قلبَه من أدرانِ التشبيهِ، وأقذارِ التمثيلِ، كان يهونُ عليه بعد ذلك أن يُصَدِّقَ اللَّهَ فيما وَصَفَ به نفسَه، ويؤمنَ بصفاتِ اللَّهِ على الوجهِ اللائقِ بكمالِه وجلالِه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015