{يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ} [التوبة: آية 21] الرحمةُ: مصدرُ رَحِمَهُ، والرحمةُ من صفاتِ اللَّهِ (جلَّ وعلا)، ونحن معاشرَ المسلمين نَصِفُ اللَّهَ بما وَصَفَ به نفسَه، وبما وصفَه به رسولُه صلى الله عليه وسلم، وَنُثْبِتُ له ما أَثْبَتَ لنفسِه، مُنَزِّهِينَ خالقَ السماواتِ والأرضِ عن مشابهةِ الخلقِ، فلا نميلُ إلى التعطيلِ، ولا إلى التمثيلِ، بل نُقِرُّ بصفاتِ اللَّهِ ونؤمنُ بها على سبيلِ المخالفةِ لصفاتِ الخلقِ، كما عَلَّمَنَا اللَّهُ في قولِه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: آية 11] ومرارًا نوضحُ مذهبَ السلفِ في آياتِ الصفاتِ عندَ كُلِّ المناسباتِ.

ومعنَى قولِه: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ} [التوبة: آية 21] قرأ هذا الحرفَ عامةُ السبعةِ غير شعبةَ - أبي بكر - عن عاصمٍ: {وَرِضْوَانٍ} بكسرِ الراءِ. وقرأه شعبةُ عن عاصمٍ: {ورُضوان} بضمِّ الراءِ (?) وهما لغتانِ فصيحتانِ، وقراءتانِ صحيحتانِ؛ لأن العربَ تقولُ في مصدر (رضي) تقول: رَضِيَ يرضى رضاءً ورضوانًا. وتزيدُ فيه الألفَ والنونَ، والألفُ والنونُ تزادانِ في بعضِ المصادرِ كثيرًا كالكفرانِ والرجحانِ والغفرانِ والرضوانِ. والكسرُ والضمُّ لغتانِ فيه، ورضوانُ اللَّهِ: رِضَاهُ (جل وعلا)، والرضا أيضًا صفةٌ من صفاتِ الله (جلَّ وعلا) أَثْبَتَ لنفسه الاتصافَ بها إذا امتُثلت أوامرُه واجتُنبت نواهيه، كما قال تعالى: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: آية 8] ونحن دائمًا نُوصِي أنفسَنا وإخوانَنا وعامةَ المسلمين أن يعتقدوا في مذهبِ السلفِ المعتقدَ الواضحَ الذي هو في ضوءِ القرآنِ العظيمِ، الذي لاَ إشكالَ فيه ولا قِيلَ ولا قَالَ، وصاحبُه يَلْقَى اللَّهَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015