أولياء، ويوالونهم، ويفشون إليهم أسرار المسلمين، كما كان يفعله المنافقون، وهذا المعنى معروف في كلام العرب، ومنه قول أبان بن تغلب:
فَبِئْسَ الْوَلِيجَةُ لِلْهَارِبِينَ ... وَالمُعْتَدِينَ وَأَهْلِ الرِّيَب (?)
وهذا معنى قوله: {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} أي: بطانة سوء وأولياء يدخلونهم ويولجونهم في المسلمين وليسوا من المسلمين، بل هم أعداء المسلمين، يفشون إليهم أسرار المسلمين، كما قال: {لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران: آية 118].
{وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يعني: الخبير أخص من العالم، والخبرة أخص من العلم؛ لأن العلم يطلق على كل علم، والخبرة لا تطلق في اللغة إلا على علم خاص، وهو علم الشيء الذي من شأنه أن يخفى، فالعرب تقول في الشيء الذي شأنه أن يخفى: على الخبير سقط، وأنا خبير بهذا. فلو قلت مثلاً: أنا عالم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن الكل أكبر من الجزء، كان هذا كلاماً عربيّاً، ولو قلت: أنا خبير بأن الواحد نصف الاثنين، وأن الكل أكبر من الجزء، لما كان هذا كما ينبغي؛ لأن العرب لا تكاد تطلق الخبرة إلا على المعرفة بما من شأنه أن يخفى، كما قال الشاعر في العيافة (?):
خَبِيرٌ بنُو لهْبٍ فَلاَ تَكُ مُلْغِيَا ... مَقَالةَ لهْبيِ إذا الطَّيْرُ مَرَّتِ