والمخلص الذي لم يتخذ وليجة من دون الله ولا رسوله؛ لأن بعض الناس ظهر نفاقهم وبعضهم ظهر اتخاذهم الوليجة من دون الله.
واعلم أن الوليجة في لغة العرب: كل شيء أدخلته في شيء فهو وليجة (?). والمراد بها هنا: بطانة السوء؛ لأنهم يدخلون في المسلمين وليسوا منهم؛ لأن كثيراً من غير المخلصين يتخذون أعداء الله أولياء، ويفشون إليهم أسرار المسلمين، ويطلعونهم على حقائقهم، وهم أعداء للمسلمين، كما كان عبد الله بن أُبيّ وأصحابه يفعلون، هم مع الكفار واليهود، والمعنى: {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ} ولم يتخذوا من دون رَسُول الله، ولم يتخذوا من دون المؤمنين وليجة، أي: أولياء وبطانات سوء يوالونهم دون المسلمين؛ لأن الأعداء خارجون عن المسلمين، فإدخالهم فيهم كأنه وليجة لهم وإدخال لمن ليس منهم فيهم.
فالوليجة هنا: بطانة السوء، وأولياء السوء، يتخذُهم بعض غير الصادقين في إيمانهم أولياء، كما تقدم في قوله: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: آية 28] فاتخاذ هؤلاء الأولياء هو الوليجة؛ لأن العدو الموالَى من المسلمين المُدْخَل فيهم وليجة فيهم وليس منهم، والعرب تقول للرجل في القوم ليس منهم: هو وليجة. يعني داخل فيهم وليس منهم. ووليجة الأمر: دخيلته، وهؤلاء وليجة فلان، معناه: أصحاب سره وداخله، وتطلق على المفرد والجمع. وهذا معنى {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} [التوبة: آية 16] أي: دخيلة من الأعداء يتخذونهم