لما أَمَرَ اللهُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه بمقاتلة أئمة الكفر وَعَدَهُمْ وَعْدَهُ الجَمِيل -وهو لا يخلف الميعاد- ليستَنْشِطَ هِمَمَهُمْ بهذا الوعد على امْتِثَال الأمر {قَاتِلُوهُمْ} أي: قاتلوا الكفَرَة وأئمة الكفر {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} «يعذب» فعل مضارع مجزوم بجزاء الطلب، وجماهير مِنْ عُلَمَاءِ العرَبِيَّة يقولون: إن جزم المضارع في جَزَاءِ الطَّلَبِ أن أصله مجزوم بشرط مُقَدَّر دل الأمر عليه، وتقديره: إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم. وهو جائز (?)، فالجزم يجوز، ولو لم يجزم لكان جائزاً؛ لأن الجزم في جزاء الطلب لم يتعين. {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} هذا التعذيب الذي يعذبهم الله بأيديهم هو القتل بالضرب الوجيع الذي يصل به صاحبه إلى النار.

{وَيُخْزِهِمْ} أي: يذللهم ويهينهم بالأسر، فإن القتل تعذيب، والأسر خزي وإهانة وإذلال، وهذا معنى قوله: {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ}.

{وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} أي: ويعنكم عليهم حتى تقتلوا منهم وتأسروا.

{وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} [التوبة: آية 14] (يشف) معناه: يداوي داء قلوبهم؛ لأن المؤمن يكون وَغِر الصدر حانقه على الكافر، كأن قلبه مريض لما فيه من شدة الغضب، وكون صدره وَغِراً على الكفار لكفرهم بالله وقتلهم للمسلمين فإذا أمكنه الله منهم وقتلهم وأَسَرَهُمْ شَفَى ذَلِكَ صَدْرَهُ؛ لأَنَّ الغَيْظَ كأنه داء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015