وقوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث الزيارة: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ» (?) وهم لاحقون بهم قطعاً، قالوا: السر في هذا التعليق ليُعَلِّم الله خلقه أنهم لا يتكلمون عن مستقبل إلا بتعليقه على مشيئة من له المشيئة، ولو كان أمراً واقعاً لا محالة فكيف بغيره.
أما الكوفيون فإنهم يقولون: إن (إن) هذه بمعنى (إذ) وأنها تعليلية، ويقولون: «فالله أحق أن تخشوه إذ كنتم مؤمنين» أي: لأجل كونكم كنتم مؤمنين فذلك يستوجب منكم الخشية، وإطلاق (إن) بمعنى (إذ) رُبَّمَا سُمِع في كلام العرب، وأنشد له بعض علماء العربية قول الفرَزْدَق (?):
أتَغْضَبُ إن أُذْنَا قُتيبة حُزَّتَا ... جِهَاراً ولم تَغْضَب لِقَتْلِ ابْنِ خَازِمِ
يعني: أتغضب لأجل «إذ حُزَّتْ أُذُنَا قُتَيْبَةَ؛ لأجل أَنْ حُزَّتَا» وهذان الوجهان في قوله: {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} [التوبة: آية 13].
قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)} [التوبة: الآيتان 14، 15].
[{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ] (?) وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}.