البيوع. ومن إطلاق (الشراء) على الاستبدال و (الثمن) على كل عوض في اللغة العربية قول علقمة بن عَبَدَة التميمي (?):
والحَمدُ لا يُشتَرى إلا له ثَمَنٌ ... مما تَضِنُّ به النفوسُ مَعْلُومُ
ومن هذا المعنى قول ابن أبي ربيعة المخزومي (?):
إن كنت حَاوَلْتَ دُنيا أو أَقَمْتَ لها ... ماذا أَخَذْتَ بتركِ الحَجِّ من ثَمَنِ
أي: من عوض يخلفه لك. وهذا معنى {اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ} استبدلوا بآيات الله الشرعية -التي هي هذا القرآن العظيم- تركوها وتَعَوَّضُوا منها ثمناً قليلاً. واختلف العلماء بالمراد بهذا الثَّمَنِ القَلِيل (?)، فقال جماعة من العلماء: هي نزلت في قوم من الأعراب الذين كانوا عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم أبو سفيان بن حرب، وأطعمهم أُكْلَة، ونقضوا العهود بسبب ذلك. وهذا قاله جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ المفسرين في هذه الآية. وهو مستبعد جدّاً؛ لأن هذه الآية من براءة نزلت بعد إسلام أبي سفيان؛ لأنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ عَامَ الفَتْحِ عَامَ ثَمَانٍ، وَهَذِهِ نَزَلَتْ عَامَ تِسْعٍ.
وقال بعض العلماء: هي في اليهود؛ لأنهم هم الذين تَبَدَّلُوا الرُّشَا من بيان الحق، وهو ضعيف أيضاً.
والتحقيق -إن شاء الله- أن المعنى: أن الكفار تبدلوا من آيات الله والعمل بما جاء عن الله ثمناً قليلاً من متاع الحياة الدنيا، وهو -مثلاً- عدم التقيد بالشرع، وبقاؤهم على ما كانوا عليه،