وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف، وهو أن يُقال: لِمَ قال: {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} وهم جميعهم فاسقون، أكثرهم وأقلهم، كلهم فاسقون، فما وجه التعبير بقوله: {وَأَكْثَرُهُمْ}؟
أجاب جماعة من العلماء عن هذا السؤال بأن المراد بالفسق هنا فسق خاص، وهو فسق نقض العهود وعدم الوفاء بها (?)، أي: وأكثرهم ناكثون، ناقضون للعهود، فاسقون هذا النوع الخاص من الفسق، وإن كان الجميع مشتركين في أنواع الفسق والكفر. وهذا معنى قوله: {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}.
{اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9)} [التوبة: آية 9].
{اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً} الاشتراء في لغة العرب التي نزل بها القرآن معناه: الاستبدال، فكل أحد استبدل شيئاً من شيء تقول العرب: اشتراه، فالاشتراء في لسانها يتناول كل استبدال كائناً ما كان، ومن هذا المعنى قول الراجز (?):
بُدِّلْتُ بالجُمَّةِ رَأْساً أَزْعَرَا ... وبالثَّنَايَا الواضِحَاتِ الدَّرْدَرَا ...
كَمَا اشْتَرى المُسْلمُ إذْ تَنَصَّرَا
أي: كما تبدل المسلم، إذا أخذ النصرانية بدل الدين.
والثمن في لغة العرب: تطلقه على كل عوض كائناً ما كان، تسميه العرب ثمناً. أما إطلاق (الشراء) على الثمن والمثمن، وتسمية المبيع (مُثمناً)، والمدفوع فيه (ثمناً) فهو اصطلاح خاص للفقهاء في