واتباعهم أهواءهم، كما قال (جل وعلا): {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللَّهُ} [البقرة: آية 90] فتعوضوا من هذا اتباعهم هواهم، وبقاءهم على ما كانوا عليه؛ لأنه أحب إليهم. وهذا شيء تافه تَعَوَّضُوا مِنْهُ سَعَادَةَ الدنيا والآخرة. وهذا معنى قوله: {اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً}.

{فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} الظاهر أن (صَدّ) (?) هنا هي المتعدية، والمفعول محذوف؛ أي: فصدوا الناس عن سبيله؛ لأن صدودهم في أنفسهم معلوم من قوله: {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} لأَنَّ مَنِ اشْتَرَى بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً قليلاً فهو صَادٌّ عن سبيل الله، فبيَّنَ أنَّهُمْ ضُلاَّل بقوله: {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} وبيّن أنهم مُضِلُّونَ بقوله: {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} أي: صدوا غيرهم عن سبيل الله (جل وعلا).

والسبيل: معناه الطريق. وسبيل الله: دين الإسلام؛ لأنه طريق الله التي أمَرَ بِهَا وَوَعَدَ الجزاء الحسن لمن اتَّبَعَها؛ ولذا سُميت: (سبيل الله) أي: طريقه التي يدعو إليها، والتي تُوَصِّلُ إلى رضاه، وإلى نَيْلِ ما عنده مِنَ الكرامة.

وقد قدمنا أن (السبيل) تُذكَّر وتؤنث (?)، فمن تذكيرها في القرآن: قوله تعالى: {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ} [الأعراف: آية 146] برجوع الضمير مذكراً على السبيل. ومن تأنيث السبيل: {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: آية 108]، ولم يقل: «هذا سبيلي أدعو إلى الله».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015