على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فإن القوة التي يقوى بها عسكر المسلمين، ويحمون حوزتهم، ويردون المسلوبات منهم إذا أعدوا القوة الكافية التي تدخل تحت الاستطاعة، ثم حَوَّلَ هَذِهِ القُوَّةَ كانوا متكاتفين غير متنازعين غير متفرقين، كلمتهم واحدة، وذكروا الله كثيراً، وتعلقت أرواحهم بربهم، وطلبوا المدد مِنَ السَّمَاءِ، كانت أسباب النصر كلها متوفِّرة لَدَيْهِم لقوتهم الكَافِيَة، ولعدم فَشَلِهِمْ؛ ولأنهم إذا فشلوا وتفرقوا دَخَلَ العَدُو بَيْنَهم، ورمى بعضهم ببعض كما قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: الآية 46] وقال تعالى: {وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: الآية 103] لا تَتَفَرَّقُوا، هذه أوامر الله، والقرآن يوضح الطريقة التي لو سَلَكها الناس لكانت كفيلة لهم بالنَّصْرِ والظفر؛ لأن منها إعداد القوة الكافية، وكل مَنْ عِنْده مال فباستطاعته كل شيء؛ لأن المال سبب لكل شيء، وهو شريان الحياة، ويُسَخِّر الله به لمن أعطاه إياه كل الإمكانيات من تعليم حتى يتعلم ما تعلمه الكفرة ويصل إلى ما وَصَلُوا إِلَيْهِ، ويستعين به في جميع الميادين ليكتسب به القوة الكاملة.
ومعلوم أن هذه أوامر الله، وأنها متروكة، وأن دين الإسلام هو هو، وصلته بالله هي هي، وأن المتسمين باسم الإسلام هم الذين تَنَكَّرُوا للدِّينِ، وفارقوا الآلة الجبارة القاهرة التي كانوا يقهرون بها أعداء الله، وهي طاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه، ولا شك أنه يجب على المسلمين امتثال أوامر الله، وأن يَتَفَطَّنُوا ويَتَحَرَّزُوا، ويفرقوا بين النَّافِعِ والضَّارّ؛ لأن من طبيعة أدنى العقلاء التفريق بين ما ينفع وما يضر، ولا شك أن ما يسميه الناس (الحضارة الغربية) دل الاستقراء الصحيح اليقين أن فيها ماءً زلالاً نافعاً وسمّاً قاتلاً فاتكاً،