أما على قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو والكسائي: {وَلاَ تَحْسِبَنَّ} وقراءة شعبة: {لاَ تَحْسَبَنَّ} فالآية الكريمة لا إشكال فيها، وكلا القراءتين واضح لا إشكال فيه ولا كلام.
أما قراءة ابن كثير (?) وحمزة وحفص عن عاصم: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ} بالياء، فهذه القراءة أصلها مشكلة، ومعناها مشكل (?). وتجرأ أقوام جراءة لا تليق -وإن كان فيهم معرفة وعلم وجلالة كأبي حاتم وأبي عبيد، حتى ابن جرير رحمه الله- وأنكروا هذه القراءة، وقالوا: إنها بعيدة من كلام العرب، وأنها لا وجه لها من الفصاحة، كما أنكر ابن جرير وغيره قراءة ابن عامر: {أَنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} [الأنفال: الآية 59] بفتح همزة (أن).
والتحقيق أن قراءة ابن عامر: {يَحْسَبَنَّ} بالياء، و {أنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} بفتح الهمزة، وقراءة حمزة وحفص عن عاصم: {يَحْسَبَنَّ} وقراءة: {إِنَّهُمْ} كلها قراءات سبعيات فصيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا وَجْهَ لِلطَّعْنِ فيها.
أما على قراءة من قرأ: {ولا تحسِبن الذين كفروا} فاعلموا أولاً أن (حَسِب) بكسر السين في مضارعها لغتان فصيحتان وقراءتان سبعيتان في جميع القرآن: (حَسِب يَحْسَب، وحَسِبتَ تَحْسَبُ). بفتح السين على القياس، و (حَسِبَ يَحسِبُ) بكسر السين على السماع لا على القياس، وهما لغتان فصيحتان مستفيضتان وقراءتان سبعيتان.