أما إذا تُيقن نقض العدو للعهد بأن قتلوا المسلمين، وفعلوا الأفاعيل، وصرحوا بنقض العهد علناً فهؤلاء لا حاجة لإعلامهم؛ لأنَّ أَمْرهم واضح، وهم لا يشكون في نقضهم العهد؛ ولأجل ذلك لما عقد النبي صلى الله عليه وسلم مَعَ كفار قريش صلح الحديبية في ذي القعدة من عام ست من الهجرة عقده بينه وبينهم على يَدِ سُهَيْل بن عمرو العامري -رضي الله عنه وكان في ذلك الوقت كافراً- وانعقد هذا الصلح، ودخل خزَاعَة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأعداؤهم من البَكْريين في عهد قريش، وكان صلح الحديبية وقع على المهادنة تسع سنين، فَغَدَرت قريش غدرًا علناً، وأعانوا البكريين على خُزَاعة فقتلوهم، لما كان هذا الغدر علناً ظاهراً لا إشكال فيه ولا لبس فيه لم ينبذ إليهم رَسُول الله على سواء، بل غزا قريشاً غزوة الفتح، وأهل الأخبار والسير يقولون: إنه قال: «اللَّهُمَّ خُذِ الأَخْبَارَ وَالْعُيُونَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي دِيَارِهَا» (?)، وما دروا إلا والمسلمون بِمَرِّ الظّهْران كل رجل يوقد نارًا؛ لأن نقضهم للعَهْدِ هُنَا لا يَتَنَاوله {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} لأنهم خانوا بالفعل وقتلوا الخزاعيين قتلاً ذَرِيعاً، كَمَا قال صاحبهم الذي اسْتَنْجَدَ لهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمرو بن سالم الخزاعي (رضي الله عنه)؛ لأن قريشاً لما نقضوا العَهْدَ وقتلوا خزاعة مع البكريين أرسل الخزاعيون عمرو بن سالم (رضي الله عنه) فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة -هذه حرسها الله- قام عمرو بن سالم الخزاعي وذكر رجزه المشهور الذي يصرح فيه بأنهم قَتَلُوهم، وأن نقضهم للعهد كالشمس لا شك فيه حيث قال