الدواب: جمع دابة، وقد جرت العادة في القرآن أن الآدميين لا يعبر عنهم بالدواب، لكنه هنا عبر عن هؤلاء الكفرة باسم الدواب، ليشير إلى أنهم كالأنعام بل هم أضل، كما قال: {إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الفرقان: الآية 44] والدواب: جمع دابة. وأصل الدابة وزنه (فَاعِلَةٍ) (داببَة) جاء فيه الإدغام. وجمع (الفَاعِلَة) مطلقاً على (فَوَاعِل) جمع تكسير مقيس بقياس مطرد كما هو معروف في محله (?). أي: إن شر جميع ما يدب على وجه الأرض من الدواب هم الكفار؛ لأنهم شر كل ما يدب على وجه الأرض، فقوله هنا: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ} هي صيغة تفضيل، أصله: إن أشر الدواب، أي: أكثرها وأعظمها نصيباً في الشر الذين كفروا. إلا أن (خيراً) و (شرّاً) لكثرة الاستعمال فيهما حذفت العرب منهما همزة أفعل التفضيل، وهما صيغتا تفضيل، فقوله: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ} أي: أكثر الدواب التي تدب على وجه الأرض شرّاً وأعظمها نصيباً في الشر -وهو ضد الخير- {الَّذِينَ كَفَرُوا} كبني قريظة {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} لأن الكفر متغلغل في أعماقهم لا يقلعون عنه، وهم أشقياء قد سبق في علم اللَّه أنهم لا يؤمنون. ثم زادهم بياناً وإيضاحاً بقوله: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ} [الأنفال: الآية 56] فـ {الَّذِينَ} بدل من {الَّذِينَ} قبله. قال بعض العلماء: قوله: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ} إنما جيء بـ (من) لأنه مضمن معنى: أخذت منهم العهود. قال بعض العلماء: (من) تبعيضية؛ لأنهم وإن كانوا كفرة كلهم فهم كلهم شر الدواب، إلا أن العهد إنما يعقد مع رؤسائهم الذين لهم العقد والحل، وبذلك الاعتبار دخلت (من) التبعيضية.