فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)} [الأنفال: الآيات 55 - 61].
يقول الله جل وعلا: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ (58)} [الأنفال: الآيات 55 - 58].
نزلت هذه الآيات في بني قريظة من اليهود (?)، كانوا تعاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه عدوّاً، ثم إنهم نقضوا العهد وأعانوا كفار مكة بالسلاح، وذهب إليهم كعب بن الأشرف -قبحه الله- إلى أهل مكة يُشَجِّعُهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ويكذب عليهم ويقول لهم: أنتم أهدى طريقاً مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كما قدمنا الكلام عليه في تفسير قوله: {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} [النساء: الآية 51] نقض بنو قريظة العهد أولا فأعَانُوا قُرَيْشاً بالسلاح على النبي -صلى الله عليه وسلم- والإعانة بالسلاح نقض للعهد الأول - فلما كلمهم صلى الله عليه وسلم في نقض ذلك العهد قالوا: نسينا وأخطأنا فلا تأخذنا بها. وأكدوا معه العهد مرة أخرى، ثم نقضوا العهد ومَالَئُوا الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، وكانوا حرباً عليه مع المشركين؛ لأن حيي بن أخطب سيد بني النضير كان فتن سيد قريظة كعب بن أسد حتى نقضوا العهد وصاروا مع الأحزاب حرباً على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهم: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55)} [الأنفال: الآية 55].