عِبَادَتَهُ وطاعته في غير موضعها فهو ظالم الظلم بمعناه الأكبر ومعنى الكلمة تمامًا؛ ولأجْلِ هَذَا المعْنَى كثر في القرآن إطلاق الظالم على الكافر المشرك، كقوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: الآية 254] وقوله: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: الآية 106] {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: الآية 13] وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر قوله: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: الآية 82] قال: «بشرك»، ثم تلا قوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: الآية 13] (?) وكذلك يطلق الظلم على المعصية التي لا تبلغ الكفر؛ لأن العاصي أطاع الشيطان وعصى الله، فقد وضع طاعته في غير موضعها، ووضع معصيته في غير موضعها فهو ظالم بهذا الاعتبار، فهذا معنى قوله: {وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ} [الأنفال: الآية 54] والتنوين في قوله: {وَكُلٌّ} تنوين عوض، عوض عن كلمة المضاف إليه، أي: وكلهم كانوا ظالمين. فعوض التنوين عن المحذوف كما هو معروف في محله.

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ (58) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60) وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015