المضروب قبل أن يروب. معناه: أن ذوق اللسان يفهم ما ضُرب منه قبل أن يروب، وما ضُرِبَ بعد أن راب، ونظيره قول الآخر (?):
وَصَاحِبِ صِدْقٍ لم تردني شَكَاتُه ... ظَلَمْتُ وَفِي ظَلْمِي لَهُ عَامِداً أَجْرُ
ظلمته: أي: ضربته قبل أن يَرُوبَ، وهذا المعنى المعروف في كلام العرب، ومنه قيل للأرض التي ليست محلاًّ للحفر إذا وقع بها حفر: مَظْلومة، ومنه قول نابغة ذبيان (?):
إلاَّ الأوَارِيَّ لأْياً ما أُبَيّنُها ... والنؤي كالحَوْضِ بالمظْلُومَةِ الجَلَدِ
لأن حفر النؤي الذي يحول بين خيمة البدوي وبين السيل وقع في أرض ليست محلاًّ للحَفْرِ، ومنه قيل للتراب المنزوع من القبر: (الظَّلِيم)، أي: مظلوم؛ لأنه محفور في غير محل حفر عادة، ومنه قول الشاعر يصف رجلاً مقبوراً (?):
فأَصْبَحَ في غَبرَاءَ بعد إِشَاحَةٍ ... من العَيشِ مردودٍ عليها ظَلِيمُها
هذا معنى الظلم في لغة العرب. وجاء في القرآن معنى الظلم: الظلم بمعنى النقص في موضع واحد، هو قوله: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِءَاتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ} -يعني ولم تنقص- {مِنْهُ شَيْئاً} [الكهف: الآية 33] وهو راجع في المعنى إلى ما ذكرناه.
إذا عرفتم أن الظلم في لغة العرب: هو وضع الشيء في غير محله فاعلموا أن أعظم أنواعه وأشنعها هو وضع العبادة في غير مَنْ خَلَقَ. من خلقه الخالق ورزقه -جل وعلا- فَعَبَدَ غَيْرَهُ فَقَدْ وَضَعَ