وضرب بعصاه البحر فانفلق البحر وصار فيه اثني عشر طريقاً يبساً، وسلكها موسى وقومه، فجاء فرعون في قومه وأُبَّهَتِه فوجدوا الطرق يابسة، فدخلوا فيها حتى تكامل خروج بني إسرائيل على الشاطئ، ودخول القبطيين في البحر، أمر الله البحر فاضطرب عليهم، كما جاء مبيناً في سور كثيرة من كتاب الله. وهذا معنى قوله: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ}.

{وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ} [الأنفال: الآية 54] وكل من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم كقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب، والكفرة الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم كل هؤلاء الكفرة كانوا ظالمين، ظالمين بكفرهم.

وقد قدمنا مراراً (?) أن أصل الظلم في لغة العرب التي نزل بها القرآن: هو وضع الشيء في غير محله، فَكُلّ مَنْ وَضَعَ شَيْئاً في غير محلّه فهو ظالم، هذا هو لسان العرب الذي نَزَلَ به القرآن، كلّ مَنْ وَضَعَ شَيْئاً فِي غَيْرِ مَوْضِعِه فَقَد ظَلَمَ؛ ولذا كانوا يقولون لمن يضرب لبنه قبل أن يروب: ظالم. ويقولون للسقاء المضروب قبل أن يروب: مظلوم؛ لأن الضرب وقع في غير موقعه؛ لأن ضربه قبل أن يروب يُذهب زبده ويضيعه، فكان في غير موضعه، وهو معنى معروف في كلامها، ومنه قول الشاعر (?):

وقَائِلَةٍ ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقَائي ... وهَلْ يَخْفَى عَلَى العَكدِ الظَّليم

العكد: عصب مؤخر اللسان. والظليم: اللبن المظلوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015