على طاعة الله وتقواه؛ لأنه إذا تنكر لربه قد يغير نعمته عنه وينقله من النعمة إلى النقمة، ومن السلامة إلى العذاب.
وفي هذه الآية إشكال معروف، وسؤال مشهور، وهو أن يُقال: إن هؤلاء الكفرة كل أحوالهم خبيثة وخسيسة، فما غيروا الكفر إلا إلى كفر، فهم كانوا كفرة ولم يكونوا في حالة محمودة حتى يكونوا غيروا ما بأنفسهم، فالذي كانوا فيه خبيث خسيس، والذي غيروا به خبيث خسيس، فبأي موجب كانت تتمادى عليهم النعمة الأولى، وبأي سبب كانوا يدخلون في قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} وهذا الإشكال قوي، ووجهه واضح جدّاً، ولا يمكن أن يخرج من الآية لأن الآية نازلة في الكفار، فرعون ومن سار على سيره، وكفار مكة الذين شُبّه دأبهم بِدَأبِهِ، والمقرر في علم الأصول: أن صورة السبب لا يمكن أن تُخرج من العام بمخصص، وهو التحقيق إن شاء الله (?). فبان استحكام هذا الإشكال وقوته.
وأجاب بعض العلماء (?) عن هذا بأنهم كانوا في نِعْمَةٍ مِنَ الله؛ لأَنَّهُمْ لم يأتِهِمْ رسول، وكانوا معذورين بالفترة، فأرسل الله إليهم الرسل، وَبَيَّنَ لهم المعجزات، وأقام عليهم الحجج، فصاروا يحادون الله، ويكذبون رسله، ويعلمون الحق ويجحدونه عناداً وطغياناً وتكبرًا على ربهم، فانتقلوا من حال سيئة إلى حال أسْوَأ منها بأضعاف، فلما انتقلوا إلى حال أسوأ كانوا غيروا فَغَيَّر الله ما بهم لما غيروا ما بأنفسهم بانْتِقَالِهِمْ من سيئ إلى أسوأ، وهذا معنى قوله: