{حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} يعني: ما بأنفسهم بأن ينتقلوا من خير إلى شر. ودل هذا الجواب على أنه أيضاً بأن ينتقلوا من سيئ إلى أسوأ منه وأفظع كما ذكرنا، وهذا معنى قوله: {حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}.

{وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} عطف على ما قبله بأنه لم يك مغيراً، وبأنه سميع عليم لا يخفى عليه شيء من أقوال المغيرين المستوجِبِينَ لتَغْيِير النعمة، ولا من أفعالهم.

وقد قدمنا مراراً (?) أن مثل هذا هو الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم، وأوْضَحْنَاهُ مراراً كثيرة. وهذا معنى قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: الآية 53].

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54)} [الأنفال: الآية 54] هذا كالتوكيد لما قبله، كرره ليبين بعض ما أجمله هناك، فبين في هذه الآية الأخيرة أن مِنْ كفرهم المذكور في قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ} بَيَّنَ أنَّ مِنْهُ التكذيب بآيات الله، وبين أنه عاقبهم وأغرق منهم آل فرعون.

ومعنى قوله: كدأبهم {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} فرعون: تطلق على كل مَنْ مَلَك مِصْرَ. والمراد بهذه: فرعون موسى.

واختلف العلماء في لفظة (فرعون) هل هو عربي أو أعجمي (?)؟ فقال بعضهم: أعجمي. وقال بعضهم: هو عربي مُشْتَقّ مِنْ (تَفَرْعَن) الرجل إذا كان ذا دهاء ومكر، فكل من كان ذا دهاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015