وبسبب أن الله لا يَظْلِم، فبِكُفْرِكُمْ وبِعَدَالَةِ رَبِّكُمْ وكَمَالِ إِنْصَافِهِ جاءكم العذاب؛ لأن بهذين السببين يتوجه إليكم العذاب، كونكم اقترفتموه واكْتَسَبْتُمُوهُ بأيديكم، وكون ربكم (جل وعلا) حكماً عدلاً منصفاً، فتعذيبه ومؤاخذته للعاصي، كما أنه يثيب المطيع، فظلمكم وعداوة ربكم كل ذلك اقتضى لكم ما وقع لكم من العذاب والعياذ بالله جل وعلا {وَأَنَّ اللَّهَ} جل وعلا {لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} فيه في هذه الآية الكريمة والآيات المماثلة لها من القرآن إشكال عربي معروف يدور فيه سؤال مشهور على ألسنة العلماء وطلبة العلم، وهو أن يُقال: الله (جل وعلا) في هذه الآية الكريمة نفى المبالغة؛ لأنه قال: {لَيْسَ بِظَلاَّمٍ} و (ظلاّم) (فَعَّال) و (الفعَّال) صيغة مبالغة، والمقرر في اللغة العربية التي بها نزل القرآن أن نفي المبالغة لا يقتضي نفي أَصْلِ الفِعْلِ من حيث هو (?)، فلو قلت: زيد ليس بقَتَّال للرجال، نفيت عنه المبالغة في القتل، ولا ينافي أنه ربما قتل رجلاً أو رجلين، ولو قلت: زيد -مثلاً- ليس بضرّاب لنسائه. يدل على انتفاء كثرة الضرب عنه، ولا ينافي أنه ربما وقع منه ضرب قليل كما هو معروف، فنفي المبالغة هنا لا يقتضي نفي أصل الفعل من حيث هو، والمقام مقام تنْزِيه، ونفي الأدنى أبلغ مِنْ نَفْيِ الأَعْلَى، فلِمَ عُبّر هنا بصيغة المبالغة ولَم يقل: ليس بظالم. أَو ليس بذي ظلم للعبيد؟!

أجاب العلماء على ذا بأجوبة (?): قالوا: جرت العادة في القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015