يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [الأنفال: الآيتان 50، 51].

قال بعض العلماء: هذا مما يقول لهم الملائكة عند توفيهم إياهم وضربهم وجوههم وأدبارهم، يقولون لهم: ذوقوا عذاب الحريق. ويقولون لهم: ذلك العذاب الفظيع الشديد بسبب ما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ.

وقال بعض العلماء: هو كلام مُؤْتَنَف، أي: ذلك العذاب الكائن الواقع لكم بسبب ما قدمت أيديكم. جرت العادة في لسان العرب الذي نزل به القرآن أن يُضاف جميع الأعمال إلى الأيدي وإن كان بعضها ليس بأيدي، فإن الشرك الذي يُعذبون عليه محله القلب واللسان واليد، والزنا محله الفرج، وأكل الربا محله البطن، ولكن كل هذا يُنسب إلى الأيدي على الأسلوب العربي المعْرُوف؛ لأنَّ أكْثَرَ ما يزاول الإنسان أعماله بيده فنسب إليه على التغليب ومراعاة الأغلب (?).

والمراد {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} ما كسبتم من المعاصي والكفر، سواء كان الذي اجترمته القلوب، أو الألسنة، أو الأيدي، أو غير ذلك. وهذا معنى قوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (51)} [الأنفال: الآية 51].

قال بعض العلماء: المصدر المنسبك من (أن) وصلتها في قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} في محل خفض معطوف على الموصول المجرور (بما) أي: ذلك بسبب الذي قدمته أيديكم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015