الذي لا يضع الأمر إلا في موضعه، ولا يوقعه إلا في موقعه. فاقتضت عزته وقهره وسلطانه ألاّ يُضام وليه المتوكل عليه المستند إليه، وألا يُقهر. واقتضت حكمته البالغة ألاّ يجعل وليه كعدوه، وألا يسوي بينهما بل ينصر وليه على عدوه. والحكمة لا تتم إلا بالعلم؛ لأن تمام الحكمة بتمام العلم؛ ولذا لا تتم الحكمة تماماً كليّاً إلا لله وحده (جل وعلا)؛ لأنه هو العالم بخفايا الأُمور وخباياها وما تؤول إليه، فالله وحده هو الذي لا يجري عليه: لو فعلت كذا لكان خيراً. أما غيره فإنه قد يفعل الأمر يظنه صواباً، وأنه في غاية الحكمة، ثم يتبين له بعد ذلك أن غيره أصوب منه، فيقول: لو فعلت كذا لكان كذا!! وليتني لم أفعل!! وفي الحديث النهي عن (لو) لأنها تفتح باب الشيطان. لو فعلت كذا لكان كذا (?).
ليت شِعْرِي وأينَ مني (ليتُ) ... إن (ليتاً) وإن (لوّاً) عناءُ (?)
العناء: التعب وكثرة: ليتني فعلت، وليتني لم أفعل، ولو فعلت كذا لكان كذا. كل هذا يقع من عدم العلم بعواقب الأمور، والله (جل وعلا) وحده لا يجري عليه: لو فعلت كذا لكان أصوب. لعلمه بما تنكشف عنه الغيوب، وما تؤول إليه الأمور، فالحكمة الكاملة له، أما غيره (جل وعلا) فقد يفعل الأمر يظنّه حكمة وصواباً ثم يَنْكَشِفُ الغَيْبُ عَنْ خلاف ذلك كما قال (?):
أُلامُ على (لوٍ) ولو كنتُ عالماً ... بأذناب (لوٍ) لم تفُتني أوائله