ثم إن الله أجاب عما قاله المنافقون والذين في قلوبهم مرض قال لهم الله: لا. كأن المعنى: لا، لم يغر هؤلاء دينهم، وهم على بصيرة من أمرهم وعلى حق، ولكنهم توكلوا على الله، ومَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الله توكل على قَوِيِّ الجَنَابِ عَزِيز منيع لا يُضام مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ؛ ولذا قال: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} التوكل معناه: الثقة الكاملة، وتفويض الأمور إليه (جل وعلا). {يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} يثق بالله ثقة كاملة ويُسلم إليه أموره، ويفوض له تفويضاً تامّاً توكلاً عليه. {فَإِنَّ اللهَ} جل وعلا {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الضمير الرابط محذوف دلّ المقام عليه. ومن يتوكل على الله فإنه يعزه بعزته وينصره؛ لأن الله عزيز حكيم.

والعزيز: هو الغالب الذي يقهر غيره ويغلبه فالله (جل وعلا) عزيز غالب على أمره. والعزة في لغة العرب: الغَلَبة {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: الآية 8] أي: ولله الغلبة ولرسوله. {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: الآية 23] يعني: غَلَبَنِي في المخاصمة. والعرب تقول: من عَزّ بَزّ (?) يعنون: من غلب اسْتَلَب؛ لأنه كان الغالب ينهب مال المغلوب، ويقولون: مَنْ عَزَّ بَزَّ، وقد قالت الخنساء بنت عمرو الشريد السلمية الشاعرة (?):

كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا حِمًى يُخْتَشَى ... إِذِ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ مَنْ عَزَّ بَزّا

تعني: مَنْ غَلَبَ اسْتَلَبَ. والحكيم (?): هو ذو الحكمة البالغة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015