أمية بن خلف الجمحي، وأبو قيس بن الفاكه ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وابن عمه أبو قيس بن الوليد ابن المغيرة، والحارث بن زَمْعَة بن الأسود بن المطلب، هؤلاء هم النفر المعرفون الذين قالوا: إنا {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} [النساء: الآية 97] وعلى كل حال فلما التقى المسلمون والمشركون يوم بدر كان الذين في قلوبهم مرض من المنافقين، أو المشركين، أو هؤلاء النفر القليلين الذين آمنوا إيماناً ضعيفاً في مكة وخرجوا مع الكفار يوم بدر وقتلوا كفاراً - والعياذ بالله - قالوا: {غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ} الإشارة في قوله: {هَؤُلاء} إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه و {دِينُهُمْ} فاعل {غَرَّ} يعني: غَرَّهُمْ دِينُهُمْ حيث اغتروا به وظنوا أن المتمسك بهذا الدين ولو كان قليلاً ضعيفاً يغلب القوي العظيم فاغتروا، وسيكون هذا الغرور سببا لهلاكهم!! والعرب تقول: غَرَّه يغره غروراً، على غير قياس. فالفاعل: غارّ، والمفعول: مغرور، إذا خَدَعَهُ.
وهم نسبوا هنا الغرور إلى الدين زاعمين أنهم انخدعوا في دينهم حيث يظنون أن القليل المتمَسِّك به يغلب القوي غير المتمسك به، وهذا المعنى معروف في كلام العرب، تقول: غرّه يغره. إذا خَدَعَهُ، ومنه سُمِّيَ الشيطان غروراً لكثرة غروره للآدميين بتزيينه ووساوسه، كما قال تعالى: {وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر: الآية 5] ومن هذا المعنى قول ابن أبي ربيعة أو غيره (?):
إِنَّ امْرأً غَرَّهُ مِنْكُنَّ وَاحِدَةٌ ... بَعْدِي وَبَعْدَكِ في الدُّنْيَا لمَغْرُورُ