وقال بعض العلماء: {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} المشركون؛ إذ لا مرض في القلوب أكبر من انطوائها على الشرك بالله.
وذهبت جماعة من العلماء إلى أن {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} في هذه الآية من سورة الأنفال خُصَّ بها أناس معروفون هم الذين بسط الله قصتهم في سورة النساء، وهم قوم تكلموا بكلمة الإسلام فقالوا: لا إله إلا الله محمد رَسُول الله في مكة، ثم إنهم أبوا أن يهاجروا، وفي قلوبهم إسلام وإيمان ضعيف في قلوبهم على حرف هكذا وهكذا. وإذا قيل لهم: لِمَ لا تهاجرون وأنتم مسلمون؟ قالوا: نحن مستضعفون في الأرض. وهم الذين أنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} الآية [النساء: الآية 97].
قالوا: جاءوا مع كفار قريش فلما رأوا قلة المسلمين -وكان الله قلل المسلمين في أعين الكفار، والكفار في أعين المسلمين كما أوضحناه قريبًا في قوله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} [الأنفال: الآية 45] لما رأوا قِلَّتَهُمْ وقَلَّلَهُم الله في أعينهم جِدّاً - قالوا: هؤلاء قوم مغرورون، غرهم دينهم!! وزعموا أنهم على دين يُؤَيّد القليل المتمسك به على الكثير فاغتروا من هنا، وهؤلاء سيُغلبون ويقتلون قطعًا!! وهؤلاء المستضعفون الذين نزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ} [النساء: الآية 97] نَفَر من قريش معروفون، آمنوا بالله إيماناً ضعيفاً ولم يهاجروا، وجاءوا مع الكفار يوم بدر، قال بعض العلماء: وهم الذين قالوا مع المنافقين: {غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ} [الأنفال: الآية 49] وهم معروفون، وهم: العاص بن منبه بن الحجاج السهمي، وعلي بن