{هَمَّت طَّآئِفَتَانِ} هذا الهمّ ليس بعزم مصمم؛ لأن الله قال بعده: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} فكان جابر يقول: مع أن الله ذكر أنّا هَمَمْنَا أن نفشل وهذه وصْمَةٌ فِينَا، ولكن والله ما نحب أن الله لم ينزلها لأنه قال بعدها: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} فالتي بعدها تداويها وتزيد، هذا معنى كلامه (رضي الله عنه) (?). فالعزم المصمم من العمل الذي يزينه الشَّيْطَان ويدخل صاحبه بسببه النار.

الرابع: التَّرْك، والتحقيق أن التروك أفعال يزينها الشيطان، ويدخل صاحبها بها النار، ويُثاب بها فيدخل بسببها الجنة. هذا هو التحقيق إن شاء الله. وقد كان ابن السبكي -تاج الدين- في بعض كتبه في علم الأصول في بحث أهل الأصول في الترك هل هو فعل أو ليس بفعل؟ قال: طالعت كتاب الله فوَجَدْتُ من كتاب الله آية في سورة الفرقان يفهم منها أن الترك فِعْلٌ (?).

ونحن نقول: إن هذه الآية التي أوردها ابن السبكي لا يظهر لنا وجه الدلالة منها كل الظهور، إِلاَّ أَنَّا اطَّلَعْنَا على آيَتَيْنِ من سورة المائدة كلهما صريحة في أن الترك من الأفعال، وأنه مِنَ الأعْمَال التي يؤاخذ بها الإنسان. وإيضاح ذلك: أنك لو تركت الصلاة حتى خرج وقتها، أنت ما فعلت شيئاً إلا أنك تركت الصلاة، فهذا الترك فعل يُقتل صاحبه بسببه، ويدخل به النار، ويكفر به عِنْدَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. فَلَوْلاَ أَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ لَمَا كان تارك الصلاة كافراً عند من يقول بذلك، ولما وجب قتله كفراً عند أحمد في مشهور مذهبه، وحَدّاً عند مالك والشافعي في مشهوري مَذْهَبِهِمَا، وإيضاح هذا أن ابن السبكي قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015