الثالث: العزم المصمم؛ لأن عزم الإنسان وتصميمه على الفعل بحيث لا يمنعه منه إلا العَجْز عنه هذا الفعل الذي صَمَّمَ عليه وعزم عليه فكأنه عمله بعزمه وتصميمه، فهو عمل يزينه الشيطان ويُؤْخَذ به فيثاب ويعاقب عليه، والدليل على أن هذا العزم المصمم أنه من جملة العمل الذي يدخل صاحبه النار مثلاً: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما -أعني البخاري ومسلماً رحمهما الله- من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: «إذا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قالوا: يا رَسُول الله قد عرفنا القاتل فما بال المقتول؟! فهؤلاء الناس سألوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبرز لهم ويبين العمل الذي دخل بسببه المقتول النار؛ لأنه لم يَقتل!! فأجابهم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ» (?). والجواب على طبق السؤال، فبيّن أن عمله الذي أدخله النار حرصه على قتل أخيه، وهو عزمه المصمم وإن لم يتمكن منه.
أما العزم الغير المصمم بأن يخطر في ذهنه أنه يفعل كذا ثم يراقب الله فيتركه، فتلك السيئة التي همّ بها تكتب له حسنة؛ لأنه تركها خوفاً من الله. وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً» (?) لأنه تَرَكَهَا خَوْفاً مِنْ رَبِّهِ فَكَانَ ذَلِكَ حَسَنَةً؛ ولذلك كان جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) وهو مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، وَبَنُو سَلَمَةَ وبنو حارثة -من الأنصار- هم الذين أنزل الله فيهم يوم أحد: {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ} [آل عمران: الآية 122] قال: