{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)} [الأنفال: الآية 48].
{وَإِذْ زَيَّنَ} حين زين {لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [الأنفال: الآية 48] وهؤلاء الذين زين لهم الشيطان أعمالهم هم الذين خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، هؤلاء زين لهم الشيطان أعمالهم. زَيَّنَهَا لهم معناها: صَيَّرَهَا في أعينهم متصفة بالزين، والزين: ضد القبح، أي: زَيَّنَها لهُمْ، حَسَّنَهَا لهم حتى صارت حسنة عندهم بِتَزْيِينِه ووَسْوَسَتِهِ وإن كانت أقَبْحَ شَيْءٍ.
والأعمال جمع عمل، وهو ما يصدر عن الإنسان. وقد عُلِمَ بِاسْتِقْرَاءِ الشَّرْعِ أن العمل الذي يزينه الشيطان ويُعاقب عليه ويُثاب عليه أنه أربعة أقسام، دل على هذا استقراء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واللغة العربية، أن ما يصدق عليه اسم العمل الذي يزينه الشيطان وُيثاب الإنسان عليه ويُعاقب عليه أربعة أنواع لا خامس لها (?):
الأول منها: فعل الجوارح كالسرقة والزنا.
والثاني منها: القول؛ لأن القول فعل اللسان، وقد سَمَّى الله في سورة الأنعام القول فعلاً حيث قال جل وعلا: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: الآية 112] فسَمَّاهُ فِعْلاً.