وَفِي بِئْرِ بَدْرٍ إِذْ يَصُدُّ وجُوهَهُم ... جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا وَمُحَمَّدُ

صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قوله: {كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} هذه (صدَّ) المتعدية (?)، والمفعول محذوف لدلالة المقام عليه، أي: يصدون الناس {عَن سَبِيلِ اللَّهِ} والسبيل في لغة العرب (?): الطريق، وهي تُذكّر وتُؤنَّث. وجاء في القرآن تذكير السبيل في قوله: {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} [الأعراف: الآية 146] ولم يقل: يتخذوها. ومن تأنيثها في القرآن قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: الآية 108] ولم يقل: هذا سبيلي، وقوله: {تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}، {تَبْغُونَهَا} [آل عمران: الآية 99] يعني السبيل كما هو معروف. وسبيل الله: دين الإسلام، وإنما قيل له: سبيل الله لأنه الطريق التي شرعها الله، وأصّل أصولها، وأمر بالسير عليها، ووعد من سار عليها الجنة، ومن تَجَنَّبَهَا النار. فلذلك كانت سبيله؛ لأنه الذي شَرَعَها، وأمر بسلوكها، ووعد من سلكها الخير، ومن لم يسلكها الشر؛ ولذا أضيفت إليه فقيل لها: سبيل الله، ولذا قال: {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ}، {وَاللَّهُ} جل وعلا بكل ما {يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} لأنه (جل وعلا) محيط بكل شيء. وفيه تهديد ووعيد لهم، فقد أحاط بهم وبأعمالهم، ومكّن منهم نبيه صلى الله عليه وسلم فقتل رؤساءهم وأَسَرَهُمْ كَمَا قَدّمْنَا إيضاحه. وهذا معنى قوله: {وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: الآية 47].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015