أتَنْظُرانِ قَلِيلاً رَيْثَ غَفْلَتِهِمْ ... أمْ تَعْدُوانِ فإنَّ الرِّيحَ لِلْعَادِي
فقوله: «إن الريح للعادي» أن الدولة والظفر للذي يعدو فينهب فيأخذ، هذا معنى قوله. وهذا معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الآخر (?):
إذا هبَّتْ رِيَاحُكَ فاغْتَنِمْهَا ... فَإِنَّ لِكُلِّ عَاصِفةٍ سُكُون
قال بعضهم: (إن) هنا اسمها ضمير الشأن، والمبتدأ وخبره خبرها، ومعنى: (هبت رياحك) أي. دالت دولتك فاغتنم الفرصة (فإن لكل عاصفة سكون) أي: لكل دولة تولٍّ ودبور، هكذا قاله بعض العلماء. وهذا معنى قوله: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.
{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} هذه وصايا سماوية، وتعاليم من رب العالمين عظيمة، من أخذ بها ظفر، ومَنْ تَرَكَها فشل وذهبت ريحه لا شك.
وقوله: {وَاصْبِرُواْ} الصبر في لغة العرب معناه: حبس النفس (?). تقول العرب: فلان صبر نفسه. أي: حبسها على المكروه، وشجعها على الشيء الصعب، هذا معنى الصبر في لغة العرب، ومادته تتعدى وتلزم، تقول العرب: صبر فلان فهو صابر أي: كان متصفاً بالصبر، وصبر نفسه؛ أي: حبسها على المكروه. متعدياً للمفعول. ومن أمثلة تعديه للمفعول قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ... } الآية [الكهف: الآية 28]. وقول