{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ} [آل عمران: الآية 165] يعني بقتل السَّبْعِين الذين قُتلوا منكم يوم أُحُد {قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا} سابقاً يوم بدر بأن قتلتم سبعين وأسَرْتُمْ سَبْعِين على أصَحِّ التَّفْسِيرَيْنِ وأكثرهما قائلاً، {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} وهو محل الشاهد، هذا استشكال الصحابة {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} مِنْ أَيْنَ جَاءَنَا هَذا، وكيف يُدالون مِنَّا، ونحن على حق، وهم على باطل، وفينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وعلينا ينزل القرآن؟ كيف يُدالون منا؟ هذا الاستشكال نص عليه الله في قوله: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} فأجاب الله بفتواه الإلهية السماوية قال لرسوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} من قِبَلكم جاءت البَلِيَّة، وأنْتُم الَّذِين جنيتموها على أنفسكم، وقوله: {هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} فيه إجمال أوْضَحَهُ الله في آية سورة آل عمران هذه، أوْضَحه بقوله: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ} [آل عمران: الآية 152] يعني: بالنصر على الأعداء {إِذْ تَحُسُّونَهُم} يعني تقتلونهم قتلاً ذَرِيعاً يُطفأ معه الحس، ويزول الحس بعده {إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا} من هذه البلايا جاءت البلية ووقع ما وقع؛ ولذا نهى الله عن هذا قال: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} [الأنفال: الآية 46] وأكبر أسباب النِّزَاع: تقديم المصالح الشخصية والأغراض الدنيوية على المصالح العامة. وهذه أكبر البلايا التي يَأْتِي من قِبَلِها الشر للمسلمين؛ لأنه قد يخالف بعض المسلمين فتكون العقوبة عامة للجَمِيع. وهذا معنى قوله: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} [الأنفال: الآية 46].
الفشل: ضد النجاح. قال بعض العلماء: معناه تضعفوا