الرِّجَالَ تنْزِل رؤوسهم عن أعناقهم، في هذا الوقت الضنك الحرج وثّقوا صلتكم بالله، واذكروا ربكم ذكراً كثيراً، فبذلك ينزل عليكم المَدَدُ مِنَ السَّمَاءِ، ويَتَسَنَّى لكم النصر، وتقهرُونَ الكُفَّار، وتَنْكَسِرُ شوكة الكفر. هذه عادة التعاليم السماوية، تجمع للناس بين ما تنتعش به أرواحهم، وبين ما تتقوى به أجسامهم (?)، فالتعاليم السماوية تُعْطِي الإنسان نصيب جُزْئَيْهِ، أعني: نصيب جسمه ونصيب روحه، وإذا أهمل أحد النصيبين تحقَّقَ الفَشَلُ والخور والهزيمة؛ لأن هذا الإنسان هو حيوان مركب من عنصرين مختلفين اختلافاً أساسياً جوهريّاً؛ أحدهما: يُسَمَّى الجِسْم، والثاني: يُسمى الروح، فالإنسان جسم وروح، فأحد عنصريه اللذين هما أساساه: الروح، والثاني: الجسم. والروح والجسم مختلفان اختلافاً أساسيًّا جوهريّاً، وبحسب اختلافهما الأساسي تختلف متطلباتهما في هذه الحياة، فللجسم متطلبات لا بد له منها، وللروح متطلبات لا بد له منها، ولا تغني متطلبات هذا عن متطلبات هذا. والقرآن العظيم يعطي كلاًّ من العنصرين حقه كما ينبغي. يقول: أعطوا الأجسام حقها بالثبوت والصمود، وأعطوا الأرواح حقها بتغذيتها بصلتها بخالقها وتقويتها، وانتظار المدد من السماء.

ونظير هذه الآيات: إذا قرأتم آيتين من سورة النساء فَهِمْتُمْ هذا المعنى كما ينبغي، وهما الآيتان اللتان أنزلهما الله في صلاة الخوف، فإنه يقول لنبيه: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} [النساء: الآية 102] هذا وقت الْتِحَام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015