وياء واحدة، ولكنه عند الضبط الذين يقرؤون (حيي) بياءين بفك الإدغام يكتبون ياءً حمراء يبيّنون بها أنها لم تكن في رسم المصحف العثماني. فهما قراءتان سبعيتان، ولغتان فصيحتان {ويحيى من حيِيَ عن بينة}، {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
وقوله: {لِّيَهْلِكَ} إنما أوقع الله ما أوقع في بدر من الفرق بين الحق والباطل المبيّن في قوله: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} هذه (لام كي) المضارع بعدها منصوب بـ (أن) مضمرة. والمعنى: فرق بين الحق والباطل بإيضاح أن دين الإسلام حق، وأن عبادة الأوثان باطل؛ لأجل أن يهلك من هلك؛ لأجل أن يهلك بكفره المتمادي على الكفر بعد وضوح بطلانه عن بينة، أي: عن دليل واضح وبرهان قاطع لا يُشك في الحق معه؛ لأن البراهين المحسوسة يدركها الغبي ولا تختص بالعالِم. {وَيَحْيَى} بدين الإسلام {ومَنْ حَيَّ} به {عَن بَيِّنَةٍ} أي: عن دليل واضح؛ لأن ذلك الفرقان جعله الله بوقعة بدر ليؤمن المؤمنون على برهان وبصيرة وبيان قاطع، ويكفر الكافرون على وضوح أيضاً وبيان وبرهان قاطع.
والبينة (?): كل دليل لا يترك في الحق لبساً تُسَمِّيهِ العرب (بيّنَة) ومنه قيل للشهود الشَّاهِدِين على الحق: (بيّنة)؛ لأنهم يبيّنون ويوضّحون من له الحق ومن عليه الحق. وهذا هو التحقيق في معنى قوله: {لِِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
{وَإِنَّ اللَّهَ} جل وعلا {لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} يسمع كل ما يقوله خلقه، ويعلم كل ما يفعله خلقه.