الْمِيعَادِ} أي: لخاف بعضكم من بعض، وجَبُن بعضكم عن بعض، ولما اتفقتم ليحصل ما حصل، ولكن الله جمعكم على غير ميعاد بحكمته (جل وعلا)؛ ولذا قال: {وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} ولكن الله جمعكم على غير ميعاد فخرجتم أيها المسلمون إلى عِير أبي سفيان، وخرج الكفار إلى إنقاذ عِيرهم، وشاء الله أن تجتمعوا ويوقع الله ما أوقع.

وهذا معنى قوله: {وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً} هو إعزاز دين الإسلام، وبيان برهانه ودليله، وفرق الحق من الباطل بإعزاز الدين، وإعلاء كلمة الله، وإذلال الكفر، وقتل رؤسائه وصناديده، كان هذا أمراً مفعولاً لا محالة، شاءه الله وقدَّره وهو واقع لا محالة إذا جاء وقته المحدّد له في مكانه المحدّد له في علمه جل وعلا. وهذا معنى قوله: {لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً}.

قوله: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)} [الأنفال: الآيتان 42، 43].

{ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: الآية 42] قرأ هذا الحرف نافع، وابن كثير في رواية البزي، وعاصم في رواية شعبة أبي بكر: {ويحيى من حيي عن بينةٍ} بفك الإدغام في (حَييَ) وقرأه بقية السبعة: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} بإدغام الياء في الياء (?). وهذه الكلمة إنما كتبت في المصاحف العثمانية بحاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015