عاجزين فهو (جل وعلا) قادر قوي لا يعجز عن شيء، فإنه ينصر أولياءه ويقوّيهم ويقدرهم على مَنْ هُوَ أقْوَى مِنْهُمْ. وهذا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فالله (جل وعلا) قادر على كل شيء، فهو قادر على ما شاءه، وقادر على ما لم يشأه، فهو قادر على هداية أبي بكر، وقد شاء هذا المقدور، وقادر على هداية أبي جهل كما قال: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: الآية 13] ولكنه لم يشأ هذا المقدور، فتبيّن أنه قادر على ما شاء، وقادر على ما لم يَشَأْ.
وقوله: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} [الأنفال: الآية 42] قال بعض العلماء (?): هو بدل من {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: الآية 41] لأن يوم الفرقان يوم التقاء الجمعان هو الظرف المُعبَّر عنه بكينونتهم في العدوة الدنيا وأعداؤهم في العدوة القصوى، وهذا ظاهر.
وقرأ هذا الحرف من السبعة: ابن كثير وأبو عمرو: {إذ أنتم بالعِدوةِ الدنيا وهم بالعِدْوَةِ القصوى} بكسر العين في الموضعين. وقرأه باقي السبعة: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} بضم العين في الموضعين (?).
والعِدوة والعُدوة معناهما واحد. وأصل العِدوة والعُدوة: شاطئ الوادي وجانبه، فكل ما صاحب شاطئ الوادي وجانبه من الفضاء تسميه العرب: عُدوة وعِدوة، وهو عدوة الوادي (?).