[الفتح: الآية 18] أي: علم الله ما في قلوبهم من قوة الإيمان والإخلاص لله، فنوّه عنه بالاسم المبهم الذي هو الموصول، فكان من نتائج هذا الإيمان والإخلاص كما ينبغي ما قصّ الله علينا في سورة الفتح حيث قال: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: الآية 21] فصرّح بأن إمكانياتهم العددية والعُددية لا تُقدرُهم عليها، ثم قال: {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} أي: فأقدركم عليها {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الفتح: الآية 21] إن كانت قدرتكم ناقصة فقدرته (جل وعلا) كاملة، والطائفة الضعيفة القليلة المستندة إليه يقويها بقوته، ويعزّها بعزّته، ويُقدرها بقدرته. وهذه أمثلة تدل المسلم على أن دين الإسلام حق، وأنه هو هو، وأن صلته بالله هي هي، وأن المتمسّك به لا يُغلب ولا يُقهر (?)، ولكن المسلمين تنكروا لدينهم فتركوه ولم يعملوا به، فتركوا الآلة القاهرة التي يُقهر بها العدو، فبقوا لقمة سائغة يضطهدهم الكفرة في أقطار الدنيا، ويبتزون ثروات بلادهم؛ لأنهم تركوا السلاح الأعظم لقهر العدو وهو دين الإسلام كما بينّا؛ ولذا قال هنا: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: الآية 41] يعني: جمع المسلمين وجمع المشركين يوم بدر.
وقوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: الآية 41]. جرت العادة بذكره قدرته عند نصره الضعاف من عباده المتمسّكين بدينه كما قال هنا: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال في الأحزاب: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الأحزاب: الآية 27]. وقال في الحديبية: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الفتح: الآية 21] كل هذه الآيات على وتيرةٍ واحدة، معناها: إن كنتم ضعافاً