وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (27)} [الأحزاب: الآية 27] يعني: إن كانت قدرتكم ناقصة وأنتم عاجزون فهو (جل وعلا) على كل شيء قدير، فالفئة المستندة عليه يجعل لها القدرة والتمكين بقدرته، ومن أمثلة هذا أن النبي (صلوات الله وسلامه عليه) لما صدَّه المشركون مع أصحابه في غزوة الحديبية وهم محرمون كما سيأتي في قوله: {همُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: الآية 25] وأرسل عُثمان بن عفان (رضي الله عنه) بالهدايا لينحرها في الحرم، وتلقّاه بنو عمه؛ لأنه أراد أولاً أن يرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له عمر: إن بني عدي لا يقدرون أن يحموني من قريش، ولكن أدلك على رجل أعزّ مني في قريش هو عثمان بن عفان رضي الله عنه: فأرسل عثمان رضي الله عنه بالهدايا وتلقّاه بنو عمه يقولون (?):
أَقبِلْ وأَدْبِِرْ لا تَخَفْ أَحَدَا ... بنُو سعيدٍ أَعزَّة الحرمِ
فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخبر كاذب أن الكفار قتلوه، فبايعه أصحابه تحت سمرة من شجر الحديبية بيعة الرضوان، وعندما بايعوه علم الله في ذلك الوقت من قلوبهم الإخلاص الكامل والإيمان كما ينبغي بالله (جل وعلا)، فكان من نتائج ذلك الإيمان الكامل والإخلاص الذي اطّلع الله عليه في قلوبهم أنه بيّن لهم أنه يجعلهم قادرين على من هم عاجزون عنه كما أوضح هذا في سورة الفتح في قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}