لأنهم ما كان لهم من الأصدقاء إلا القرظيون من اليهود، فإذا غدروا وصاروا مع الكفار في هذا الوقت الضنك وهذا الموقف الحرج كان الأمر أعظم واشتد على غير أقوياء القلوب من
المسلمين، فجاء سعد وسعد إلى بني قريظة فوجدوا سيّدهم كعب بن أسد -قاتله الله- فَتَنَه اللعين حيي بن أخطب سيد بني النضير، ونقضوا العهود، وغدروا، وصاروا مع المشركين على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: هم عضل. ليفهمها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولا يفهمها غيره. وعضل: يعني هم وبنو القارة من الذين غدروا ببعث الرجيع. فأشاروا له بأنهم في الغدر كبني عضل وبني القارة، ففهمها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (?)، ففي هذا الموقف الضنك الحرج كان الذي واجه المسلمون به هذا الموقف الضنك العظيم والحصار العسكري العظيم [هو الإيمان والتسليم كما أخبر الله -تعالى- عنهم بقوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ}] (?)
{وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب: الآية 22] وكان من نتائج هذا الإيمان العظيم والتسليم الكبير ما قصّه الله علينا في مُحْكَمِ كِتَابِهِ في سورة الأحزاب في قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} [الأحزاب: الآية 25] يقول: إن كنتم أذلاء -لستم بأعزاء ولا أقوياء- فهو (جل وعلا) قويٌّ عزيز لا يُغْلب من استند إليه، فالفئة القليلة المستندة إليه يقويها بقوته ويعزّها بعزّته، فلن تُغْلب، إلى أن قال: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ