فاعلموا أنما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فأن لله خُمُسَهُ؛ لأن ذلك من جملة ما أنزل الله في هذه الآيات النازلة يوم بدر.

وقال بعض العلماء: المراد بقوله: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} أي: إن كنتم آمنتم بالذي أنزلنا على عبدنا قالوا هو قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: الآية 1] وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج خمُسها ويصرفه في هذه المصارف المذكورة {إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ} [الأنفال: الآية 41] بذلك المنزّل فاعْلَموا أنما غنمتم من شيء فخمسه لله. وهذا معنى قوله: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} لأن العبد من أشْرَف الصفات؛ لأن أَشرف الصفات: العبودية له (جل وعلا)؛ ولذا إذا أراد الله أن يرفع من شأن نبيّه ويعظّم الموقف الذي هو فيه عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ العَبْدِ؛ لأنها أعْظَم صفة وأكرمها كما قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: الآية 1] وقال هنا: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله {عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ} يوم الفرقان هو يوم بَدْر، لم يكد يُختلف في ذلك، وإنما قيل لبدر يوم الفرقان؛ لأنه يوم فَرَّقَ اللهُ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، أوْضَحَ حجَّة الإسلام أنه الحَق، وأن الكفر باطل إيضاحاً يشاهده الجاهل والعالم والغَبِيّ؛ لأنه الْتَقَتْ فِئَتَانِ: فئة كافرة تقاتل في سبيل الشيطان، وهي فئة قويَّة في عَدَدِهَا وعُدَدِهَا، وفئة مؤْمِنَة تقاتل في سبيل الله، هي ضعيفة في عَدَدِهَا وعُدَدِهَا، فنصر الله [الضعيفة على القوية] (?) وغَلَبَتْهَا وقَتَلَتْ صَنَادِيدَهَا وأشرافها وأسَرَتْهم، فتبيَّن بهذا بياناً واضحاً شافياً يَرَاهُ الناس بحواسهم أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015