وهذه الآيَةُ الكَرِيمَةُ دَلَّت على أن أربعة أخماس الغنيمة [أنه] (?) للمجاهدين الغانمين الذين غنموها؛ لأن قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... } الآية، يدل على أن المعنى: وأما الأخْمَاس الأربعة فَهِيَ لِلْغَانِمِينَ المجاهدين، ويدل على ذلك إِسْنَادُهُ غَنِيمَتَه إليهم في قوله: {أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ} وهذا هو التحقيق وعليه جماهير العلماء أن أربع أخماس الغنيمة للمسلمين المجاهدين الذين غنموها، تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بالسَّوَاءِ، وأن خمُس الغنيمة هو يُصرف في هذه المصارف المذكورة وسَنُوَضِّحُها -إن شاء الله- واحداً واحداً. هذا هو المذهب الحق وعليه جماهير العلماء، وخالف في هذا قوم من العلماء -منهم طائفة من علماء المالكية وغيرهم (?) - قالوا: إن الغَنَائِمَ كلها والفيء شيء واحد، وأن التصرف فيه كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الغانمين ما شاء ويمنعهم ما شاء. وهذا القول وإن قال به جماعة من المالكية وغيرهم من العلماء فهو خلاف التحقيق.

والذين قالوا هذا القول استدلوا بأدلة كلها مردودة مجاب عنها، قالوا: مِنْ أَدِلَّتِهِ أن الغَنَائِمَ هِيَ الأَنْفَالُ، وقد تَقَدَّمَ في أول السورة قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: الآية 1] فَصَرَّحَ بِأَنَّهَا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم ولم يجعل للغانمين فيها حقّاً مستقلاًّ إذا لَمْ يَشَأ الرَّسول صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم. قالوا: ويَتَأَيَّدُ هَذَا بأمور، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم مكة حين افْتَتَحَها عنوة، وأنه (صلوات الله وسلامه عليه) في غزوة حنين لما أخذ غنائم هوازن أعطى صفوان بن أمية ما ملأ بين جبلين من الغنم، وأعطى عيينة بن حصن مائة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015