مشهور عن قتادة وطائفة من العلماء، وهو قول وإن كانت تساعده اللغة فالشَّرع والحقيقة الشرعية لا تساعده؛ لأن العَرَبَ تطلِقُ في لُغَتِهَا الفيء على جميع ما يُغنم، وهو معنى معروف في كلامها، ومنه قول مهلهل بن ربيعة التَّغْلِبي أخي كليب (?):
فَلاَ وَأَبِي جليلَةَ مَا أَفَأْنَا ... مِنَ النعم المؤَبَّلِ مِنْ بَعِيرِ
وَلَكِنَّا نَهَكْنَا الْقَوْمَ ضَرْباً ... عَلَى الأَثْبَاجِ مِنْهُمْ وَالنّحُورِ
يعني: لم نشتغل بالغنائم، وإنما اشتغلنا بقتل الرجال.
وربما أُطلق الفيء في القرآن مراداً به كل غنيمة، كقول قتادة، وذلك في قوله: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} [الأحزاب: الآية 50] لأن المسبيات حكمها في هذا سواء، سواء كانت فيئاً أو غنيمة، إلا أن الاصطلاح المعروف هو التَّفْرِقَة بين ما أوجف عَلَيْهِ بالخَيْلِ والرِّكَابِ، وبَيْنَ مَا أُخِذَ عَفْواً من غير انتزاع بالقوة، كما قال هنا: {أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ} فبيّن أنهم غَنِمُوهُ وانْتَزَعُوهُ مِنْهُمْ قَهْراً، وقال في الآخر الذي هو الفيء: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحشر: الآية 6] فكيف تستحقونه ولم تنتزعوه بالقوة، ولم تُوجِفُوا عليه بالخيل ولا الإبل؟!
والإيجاف: الإسراع كما هو معروف.