الإبل، والأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عطايا كثيرة، ولم يعط الأنصار منها شيئاً، حتى غضب الأنصار وقالوا: يعطي الغنائم عنا لقريش وسيوفنا تقطر من دمائهم!! فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما قالوا فَأَرْسَلَ مَنْ جَمَعَهُمْ وقال: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ مُتَعَادِينَ فَأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي؟!» قالوا: بلى. قال: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ اللهُ مِنْهَا بِي؟» قالوا: بلى يا رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-. فلما عدَّد عليهم بعض النِّعَمِ التي أنْعَمَ الله عليهم بسبب رَسُول صلى الله عليه وسلم اعْتَرَفُوا بذلك كله وسكتوا، قال لهم: «أَلاَ تُجِيبونَنِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟!» قالوا: وكيف نجيب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: «قُولُوا: ألمْ يُكَذِّبْكَ النَّاسُ فَصَدَّقْنَاكَ؟ أَلمْ يُعادِكَ الناسُ فآوَيْنَاكَ ونَصَرْنَاك؟!» ثم قال: «يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ أَلاَ تَرْضَوْنَ بأَنْ يَرْجِعَ النّاسُ إِلَى بُيُوتِهِمْ بِالشَّاةِ والبَعِيرِ، وتَرْجِعُونَ إِلَى بُيُوتِكُمْ بِرَسُولِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم؟» قالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسمة.
وطابت نفُوسهم (?). قال قائل هذا القول من المالكية وغيرهم من العلماء كقتادة: لو كانت الغنيمة مُسْتَحَقَّة لِلْغَانِمين ولم يكن للإمام أن يفعل فيها كيف يشاء، كيف يُفَضِّل النبي صلى الله عليه وسلم المؤلَّفَةِ قلوبهم كالأَقْرَعِ بن حابس، وعُيَيْنَةَ بن حِصْن، وصَفْوان بن أمية ويمنع الأنصار، والأنصار أحَقّ؟! وكيف يفضل الأقرع بن حابس التميمي،