وقسم: يصل إلى المسلمين من غير انتزاع بالقوة من أهله الكفار.
والاصطلاح المشهور عند الفقهاء أن بينهما فرقاً، أن الغنيمة هي ما ينتزعه المسلمون بالقوة من الكفار، أما ما ييسرُهُ الله للمسلمين بلا قتال فهو المُسَمَّى بـ (الفيء) وحكمهما مختلف على التحقيق الذي عليه جماهير العلماء ودل عليه القرآن؛ لأن الفيء هو المال الذي ينالُهُ المسلمون من الكفرة من غير أن ينتزعوه بالقوة، ولا أن يوجِفوا عليه بخيل ولا ركاب، كأموال بني النضير، فإنهم نَزَلُوا على حُكْمِ النبي صلى الله عليه وسلم، ومَكَّنَهُ اللهُ مِنْ أموالهم مِنْ غَيْرِ أن تُنْتَزَعَ منهم بالقوة، وقد سَمَحَ لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يَحْمِلُوا على الإبل ما قدروا أن يحملوه، واستثنى السلاح كما ستأتي تفاصيله في سورة الحشر؛ لأنها كلها نزلت في قصة بني النضير، هذا هو الفيء، وهو المذكور في سورة الحشر، وقد نص الله في سورة الحشر على أن مَصَارِفَهُ هِيَ مَصَارِف خُمس الغَنِيمَة؛ لأنه قال هنا: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: الآية 41] وقال هناك: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} فبيّن بقوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحشر: الآية 6] الفرق بين الفيء والغنيمة؛ لأنه مال لم تنتزعوه بالقوة والسلاح من أهله، ولم تسرعوا في انتزاعه على الخيل والركاب التي هي الإبل، ثم قال مبيناً مصارفه وأنها هي مصارف الخُمس: {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: الآية 7] مثل ما ذكر هنا في مصارف الخُمس سواء بسواء، وشذّ بعض العلماء فقال: إن الفيء والغنيمة سواء.
وهذا القول