أسلوب عربي معروف يكثر في القرآن وفي كلام العرب، قال تعالى: {وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: الآية 29] إن كانوا لا يُغاثون إلا بهذا الماء الذي يشوي الوجوه فلا إغاثة لهم أبدًا، وهذا كثير في كلام العرب، ومنه قول بشر بن أبي حازم (?):
غَضِبَتْ تَميمٌ أن تُقتَّل عامرٌ ... يَوْمَ النسار فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
معناه: أُرضوا بالسيف، فإن كانوا لا عُتْبَى لهم ولا رضا إلا السيف معناه: لا عُتْبى ولا رضًا لهم أصلاً، ومنه قول الآخر يصف ناقته (?):
شَجْعَاءَ جرتها الذميل تلوكُه ... أصلاً إذا راح المطي غراثا
يقول: إن ناقته ليس لها من الجِرَّة إلا الذميل. والذميل: ضرب من السَّيْر. والجِرَّة: هي أن الناقة -مثلاً- في النهار تأكل المرعى، فإذا كان الليل أخرجت ما في بطنها فمضغته لترققه، يعني: إن كانت لا جرة لها إلا جرر المشي فلا مأكل لها ولا جرة. وأمثال هذا كثيرة في كلام العرب، وهذا معنى قوله: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ} أيها الكفرة الزاعمون كذبًا أنكم أولياء البيت وأنكم قُطَّان بيت الله الحرام، وأنكم أهدى من محمد صلى الله عليه وسلم {فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} الباء سببية، و (ما) مصدرية، أي: بسبب كفركم.
وهذه الآية الكريمة تدل على أن التصفيق والتصفير ليسا من العبادة في شيء، وبه يُعلم أن ما يفعله كثير من الجهلة المدعين