الزوج التي خُلقت منه وهي حواء؛ لأن الرجل يسكن إلى امرأته ويطمئن إليها، وهذا السكون والطمأنينة والألفة التي كانت من الرجل الأول للمرأة الأولى جعله الله سُنة كونية قدرية في ذريتهما كما يأتي في سورة الروم في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} الآية [فاطر: آية 11].

{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} تغشاها معناه: جامعها، والعرب تقول: غشي الرجل امرأته وتغشاها: إذا جامعها، والتغشي: أصله لبس الغشاء، وهو الغطاء ونحوه. {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي: جامعها {حَمَلَتْ} من ذلك الجماع {حَمْلاً خَفِيفًا} إنما وصف الحمل بأنه خفيف لأن المرأة في أول حَبَلها ما دام حَبَلها نطفة فَعَلَقَة فمضغة يكون خفيفًا كأنها ليس في بطنها شيء، تذهب وتجيء ولا تجد ثقلاً له إلى حوالي خمسة أشهر، فبعد ستة أشهر يعظم الجنين في بطنها وتُثقل، وتكون الحركة ثقيلة عليها لعظم الجنين في بطنها؛ ولذا قال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا} في أول أشهرها فاستمرت به وذهبت به مقبلة ومدبرة لا يثقلها؛ لأن ذلك هو العادة في أول حملها. {فَلَمَّا أَثْقَلَت} يعني تطاولت الأشهر وعظم الجنين في بطنها، وأثقلت؛ أي: صارت ثقيلة من عظم الجنين في بطنها، خافت هي وزوجها، والظاهر أن هذا في الحمل الأول الذي حملته حواء خافت أن يكون هذا الذي في بطنها بهيمة، أو أنه لا يخرج منها، أو يَشُق بطنها فتموت؛ ولذا {دَّعَوَا} أي: الرجل والمرأة، آدم وحواء {دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} دعاءً أخلصا له فيه قائلين: والله {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} لئن أعطيتنا من هذا الحمل ولدًا صالحًا، أي: ذكرًا، وقال بعض العلماء: بشرًا سويًّا يخرج بسلام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015