ليس ببهيمة، ولا مشوّه الخلقة {لَّنَكُونَنَّ} لك يا ربنا على ذلك {مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
الشاكرون: جمع شاكر، والشاكر: اسم فاعل الشكر، وأصل الشكر في لغة العرب (?): الظهور، تقول العرب: «ناقة شكور» إذا كان يظهر عليها السِّمَن، والشكير: هو العُسْلُوج الذي ينبت في الجذع الذي كان مقطوعًا؛ لأنه يظهر فيه بعد أن لم يكن ظاهرًا.
وهو في الاصطلاح: ظهور نعم المُنْعِم على من أنعم عليه، والشكر: هو فعل يُنبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعمًا. وقد جاء في القرآن إطلاق الشكر من الله لعبده، وإطلاق الشكر من العبد لربه كما هنا. ومن إطلاق الشكر على العبد لربه: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: آية 14] {لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: آية 189] {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: آية 13]. ومن إطلاق الشكر من الله لعبده: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: آية 34] {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: آية 158] فمعنى شكر الرب لعبده: قال بعض العلماء: شكر الرب لعبده: هو أن يثيبه ثوابه الجزيل من عمله القليل، وحقيقة شكر العبد لِرَبِّهِ المنطبق على جزئياته: هو أن يستعمل العبد جميع نعم ربه فيما يُرْضِي رَبَّهُ، إن فعل هذا فإنه يكون إن شاء الله مِنَ الشَّاكِرِين. فهذه العيون (?) التي فتحها الله في وجوهكم هي نعمة من ربكم عليكم تبصرون بها، فَشُكْرُ هَذِهِ النِّعْمَة أن لا تنظروا بها في شيء إلا في شيء يُرضي من خلقها وأكرمكم ومَنَّ عليكم بها، وهذه الأيدي التي جعل لكم تبطشون بها