غيرها ممن يسليه ويوسع صدره. وهذا أمر لا يخفى، فالله (جل وعلا) أباح تعدد الزوجات لمصلحة النساء لئلا يتعطلن عن الزواج؛ لأنهن أكثر من الرجال؛ ولئلا يُضطر أزواجهن إلى طلاقهن، ولمصلحة الرجال لئلا تُعطل منافعهم عند حيض المرأة الواحدة ونفاسها ومرضها، ولمصلحة الأمة ليتكاثروا، وليكونوا جمعًا ضخمًا يقف في وجه العدو، ويرد الحقوق المسلوبة، ويوقف الكافر عند حده، ويعلي كلمة الله (جل وعلا) فهذه مصالح معروفة موجودة عامة لا ينكرها إلا مطموس البصيرة.

وما يزعمه ملاحدة الإفرنج من أن تعدد الزوجات تلزمه المشاغبة الدائمة، وأن الإنسان لا ينبغي أن يعمل بتشريع يجر له المشاغبة الدائمة والقال والقيل والخصام الذي لا ينقضي. قالوا: إذا تزوج ضرتين فَإِنْ أرْضَى هذه سخطت هذه، فهو دائمًا بين سخطتين، وفي شغب وفي خصام وجدال، فلا تكون له حياة هنية، وأن هذا التشويش لا ينبغي. وهذا من جهالتهم وطمس بصائرهم؛ لأن المشاغبة والمشاحة التي تقع بين العائلة أمر طبيعي لا مفر منه، وهي لا خطب لها ولا شأن لها؛ لأنها تقع بين الرجل وأولاده، وبينه وبين أمه وأبيه، وبينه وبين أخواته، وتقع بينه وبين زوجته الواحدة. ولو فرضنا أن فيها بعض الشيء فإنه يُغتفر لأجل المصالح العظمى التي بيّنا من المصالح العامة من صيانة جميع النساء، وعدم تعطل منافع الرجال، ومصلحة الأمة. والمقرر في الأصول: أن الشيء ولو كان مفسدة -على زعمهم- إلا أنها مفسدة صغيرة مرجوحة فإنها تُلغى لأجل المصلحة الكبرى، وهذا لا نزاع فيه بين العلماء أن المصالح العامة الكبرى لا يُنظر معها لأجل المفاسد الجزئية المرجوحة كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015