على مر العصور أقل من عدد النساء -لأن الرجال أكثر تعرُّضًا لأسباب الموت وخروجًا في الأسفار والمقاتلة والحروب من النساء- وكان عدد النساء أكثر، فلو قُصِرَ الواحِدُ على الواحدة لَبَقِيَ من النساء عدد ضخم هائل لا أزواج له، فيضطررن بذلك إلى ارتكاب فاحشة الزنا ورذائل الأخلاق، وبقين لا عائل لهن، فتشريع الحكيم الخبير يجمع الرَّجُل فيه بين النساء فيحسن إليهن وينفق عليهن ويُعف الجميع؛ لأن الرجل الواحد قد يُعف أربع نساء ويُخْدِمهن ويطعمهن ويكسوهن، بحيث لا يَكُنَّ فيهن حاجة إلى شيء.
وكذلك أجرى الله العادة أن المستعدات من النساء للتزويج أكثر من المستعدين من الرجال؛ لأن عامة النساء مستعدات للزواج، وكثير من الرجال غير مستعدين للزواج لفقرهم وعجزهم عن لوازم الزوجية من صداق ونفقات وما يتبع ذلك من مُؤَن، فلو قصرنا الواحد على الواحدة لبقي أيضًا ذلك العدد الضخم بلا أزواج فألجأهن ذلك إلى ارتكاب الفاحشة والعمل بما لا يليق. ومن ذلك أن المرأة الواحدة لو قُصر الرجل عليها فإنها تعتريها أعذار طبيعية تمنعها من القيام بأخص لوازم الزوجية؛ لأنها تمرض وتحيض وتُنفس، وهي في زمن حيضها تتعطل منافع زوجها، وكذلك في زمن نفاسها، فلو قُصر على الواحدة لكان كلما تعطلت تعطلها الطبيعي تعطل معها، فيكون الرجل كأنه يُنفس كما تنفس، ويحيض كما تحيض، وهذا ليس بإنصاف!! والأمة محتاجة إلى الكثرة، وقد حضها صلى الله عليه وسلم على التزوج وكثرة الولادة ليكاثر بها الأمم. ومن الغريب كل الغريب، والمؤسف كل المؤسف